رؤى لتطوير التعليم الحديث أ.د.عبدالوهاب عبدالله المعمري

أولا المتعلم:

 الملحوظ أن التعليم في مجتمعاتنا يقوم على الحفظ والتلقين حيث يتم استردادها منه وقت الامتحان وبذا فالطالب يعد وعاء لتلقي المعلومة دون أن يكون له دور في فهمها أو تمحيصها والأفراد الذين يمرون بهذه التجربة التي تقوم على الحفظ والتلقي يكونون أكثر سهولة للانقياد للأفكار وأكثر صرامة في تطبيقها دون التفكير أو النقاش مثل هؤلاء الأفراد يمكن أن يكونوا صيدا سهلا ليصبحوا مؤدلجين فكريا وعمليا .

وبذا فإن تفعيل الدور الأمني للمؤسسات التعليمية في مقاومة السلوك المتطرف يجب أن يقوم على أساس تعويد الطلاب على التعليم الحواري القائم على التفكير والإبداع الذي يسمح لعقل الطالب بتأمل الأمور ورؤية الحقيقة من أكثر من زاوية بما يمكنه من الابتعاد بعد توفيق الله سبحانه وتعالى عن أن يصبح فريسة سهلة للأفكار المتطرفة والداعية للعنف والتخريب .

ويجب على المؤسسات التعليمية ممثلة في المدرسين والعاملين فيها تحديد الجماعات المستهدفة أو الهشة والتي يقصد بها أي جماعات محددة داخل المجتمع الكبير يمكن أن تكون عرضة للانسياق وراء الأفكار الهدامة ومحاولة توجيههم ووضع برامج خاصة لهم كما أن عدم القدرة على استيعاب حاجات الطلاب يمكن أن يؤدي إلى تسربهم خارج السلك الدراسي مما يدفعهم إلى ممارسة السلوك الإجرامي وقد يكونون فريسة سهلة للجماعات الإرهابية لتنفيذ مخططاتهم .

ثانيا المعلم:

يمثل المعلم النواة التي يمكن توصيل المعلومة من خلالها إلى الطالب وإذا لم يكن الأستاذ متمكنا من المادة العلمية التي يعرضها لطلابه فإنه لن يستطيع توصيلها بشكل سليم إلى الطلاب وبذا تفشل العملية التعليمية .

والمعلمون يمثلون بدائل الآباء وهم الراشدون خارج نطاق الحياة الأسرية الذين يقومون بأدوار مهمة في حياة الصغار ومن المعلمين من يعاون الصغير في التغلب على الإعاقات والقصور والمشكلات التي تعيق نموه وتعترض ميوله ومنهم من يعرقل المسيرة الصحيحة أمام أبنائه من التلاميذ .

والمعلمون لكونهم من العناصر المهمة في التطبيع الاجتماعي يؤثرون في تلاميذهم عن طريق القدوة وعن طريق تشجيع الاستجابات المرغوبة وتدعيمها وإضعاف الاستجابات السلبية وإطفائها .

وعادة ما يتم في هذه البيئات الاجتماعية التربوية تجاهل بعض الاستجابات مثل إثبات الذات والعدوانية والخشونة بل إضعاف هذه الجوانب والعمل على قمعها داخل المدرسة .

ولشخصية المعلم في قاعات الدراسة إسهام في تشكيل شخصيات التلاميذ إذ إن سمات المعلم تنعكس في أسلوب تعامله مع تلاميذه وطريقة تهذيبه لهم وهذا بدوره يؤثر في اتجاهات التلاميذ نحو التعلم .

وقد وجد أن تلاميذ المعلمين الذين يتسم سلوكهم بالمرونة داخل المدارس المختلفة كانوا أكثر اهتماما وميلا في أنشطة الصفوف الدراسية إذ ظهر من استجاباتهم قيامهم بالعمل بروح استقلالية أكبر وأنهم يعبرون عن مشاعرهم بقدر أكبر من الحرية وأنهم أكثر تقدما في تحصيلهم العلمي ويظهرون قدرا أكبر من الابتكار والإبداع بينما تلاميذ المعلمين المتسلطين كانوا أكثر ميلا أو حاجة إلى تقديم المساعدة والمعاونة المستمرة لهم منصور .

ولذا فإنه من الضروري انتقاء الأساتذة الذين يقومون بالتدريس بكل دقة وحذر بحيث يتصفون بالفطنة والذكاء والقدرة على إيصال المعلومة الصحيحة للطالب بالإضافة إلى المقدرة الشخصية التي تمكنهم من استيعاب المتغيرات الحضارية التي يعيشونها وعكسها في المناهج الدراسية بشكل مشوق ويجب أن يحفز الأستاذ طلابه على المناقشة والإبداع والتفكير بصورة علمية من خلال استشعار الواقع والتأمل فيه وطرح الأفكار ومناقشتها بشكل مجرد من الأوامر والنواهي التي تأخذ قوالب جاهزة .

ثالثا: البيئة التعليمية:

لا يمكن للمتعلم أن يتلقى التعليم بشكل جيد ويستفيد منه ما لم يوجد في بيئة تشجع على الإبداع وتحفيز التفكير وتدفع بالفرد إلى آفاق من التعليم القائم على التفكير الإبداعي والبعيد عن القوالب الجاهزة والمعلبة، ولتوفير بيئة تعليمية جديدة فلا بد من وجود مجموعة من العناصر الأساسية التي تحفز على التعليم:

1- وجود وسائل متعددة للتعليم من خلال استخدام أجهزة الحاسب الآلي وغيرها .

2- وجود مكتبة متخصصة تحفز على البحث وتشجع على الدراسة يتوافر فيها جميع المراجع الحديثة ووسائل التقنية المتقدمة من الإنترنت وغيرها .

3- القاعات الدراسية يجب أن تكون جيدة التهوية ومريحة ويوجد فيها الإمكانات الضرورية للعملية التعليمية من وسائل تعليمية وغيرها .

4- إعطاء الفرصة للطلاب للمناقشة والحوار والإبداع والاختلاف فالإبداع ينمو في أجواء الحوار ويموت في مهده في أجواء الدكتاتورية الصارمة .

رابعا: المناهج الدراسية:

 تُعد المناهج الدراسية هي عماد العملية التعليمية وهي الوعاء الذي تقدم من خلاله المعلومة للطالب لكي يستوعبها ويستقي منها ما يمكن أن يساعده في مسيرته التعليمية ولكي تصبح المناهج الدراسية قادرة على مسايرة العصر وقادرة على تقزيم الإرادة الإجرامية لدى الطلاب فإن هناك ضوابط معينة لا بد من توافرها في المناهج الدراسية لكي تصبح قادرة على مواكبة التطورات السريعة في مجالات الحياة المختلفة ويمكن استعراضها على النحو الآتي:

- ضرورة وضع خطة إستراتيجية للمنهج الدراسي بالتنسيق مع إستراتيجية التنمية الشاملة للدولة بحيث تستلهم إستراتيجية المنهج أهدافها من إستراتيجية التنمية الشاملة للدولة، ويقصد بذلك أن تكون الأهداف التربوية منبثقة من حاجات المجتمع المتغيرة إن مواصفات الطالب في الوقت الحاضر الذي هو نتاج للعملية التعليمية ومخرج لها يجب أن يوافق احتياجات المجتمع المتغيرة وهذا يعني أن تحديد المهددات الأمنية والاجتماعية في الوقت الحاضر يجب أن يأتي ضمن أولويات المنهج الدراسي بحيث يخرج الطالب من العملية التعليمية ولديه القدرة على التمحيص والنقد والمفاضلة بين القضايا بشكل يخدم الصالح العام .

- يجب أن يكون هناك تناسق بين مفردات المنهج وعدد الساعات المقررة على الطالب أسبوعيا حيث إن الإطالة في بعض المناهج قد تسبب للطالب الملل والعزوف عن العملية التعليمية كلها .

- يجب صياغة المناهج الدراسية بعقلية منفتحة تساعد الأستاذ على طرح الكثير من الموضوعات حسب المقتضيات المتغيرة والبعد قدر الإمكان عن القوالب الجاهزة .

- يجب أن تكون المناهج التعليمية قابلة للتعديل حسب مقتضيات العصر وألا تكون قوالب جامدة لا يمكن تغييرها أو المساس بها فالمناهج الدراسية يجب أن يكون لديها مقدرة على مسايرة الواقع الاجتماعي وتقديم حلول عملية لمشكلاته .

- يجب أن تهدف المواد الدراسية في مجملها إلى تعميق مفهوم الولاء الوطني لدى جميع أفراد المجتمع حيث أصبحت كلمة الوطنية في السنوات الأخيرة قضية مصيرية تفرض نفسها بإلحاح على علماء الاجتماع والنفس والسياسة وجميع المهتمين بتربية النشء حتى أصبحت التنشئة السياسية إحدى الضرورات الأساسية في هذا العصر الذي نعيشه لإيجاد إحساس عام بالالتزام والولاء للسلطة الرسمية ويبرز الدور المهم الذي يجب أن تؤديه المدرسة في تأكيد أهمية عملية التربية الوطنية حيث إن الأمن يتحقق فقط عندما يشعر الجميع بمسؤوليتهم نحو الوطن .

وأعتقد أن التربية الوطنية يجب أن تصاغ بشكل مباشر في جميع المناهج الدراسية بحيث تصبح جزءا من المناهج الدراسية فالوطنية ليست مادة تدرس وإنما سلوك يجب أن يتفاعل من خلال المواد الدراسية جميعها ويجب أن يكون الأستاذ والمدرسة بجميع العاملين فيها قدوة ونموذجا للطلاب لتكريس مفهوم الولاء الوطني ليكون سلوكا وممارسة وليس مواد نظرية تدرس بعيدا عن الواقع .

 
 

بيانات الاتصال

  • الهاتف : 00967777721955
  • الهاتف : 00962779116272
  • البريد الالكتروني :info@sdevelopment4.com
  • البريد الالكتروني : Sfdevelopment4@gmail.com
  • أكاديمية التطوير العلمي : Sd4jordan8@gmail.com
  • مجلة التطوير العلمي للدراسات والبحوث JSD: jsd@sdevelopment4.com
  • صنعاء – الجمهورية اليمنية

 

القائمة البريدية

© Copyright Sama Dorob. Designed and Developed by Realweb